السبت، 9 سبتمبر 2017

وثلاثتنا لم نكُن على قلبِ رجلٍ واحد

وكما كُتبت لهم الحياة . . كُتب لهم اللقاء
فالتقوا وتحدثوا وأبرحوا الناس من حولهم ضربًا عن طريق كلماتهم
كان لقائهم الأول يُعدّ كـاللقاء اللامعدود لبعض الأصدقاء
لم يكُن محظ صُدفة تُخوّلهم للتعارف أكثر لاحقًا، بل كان حسّ يربطهم
أحدهم كان الخجول الذي لم يسبِق وأن أفصح عن شعور، استنكرَ كل شيء من حوله كان غريب أطوار عزول
الآخر كان طليق اللسان المُتحاذق الباحث عن الاهتمام، مُحيط بـكل شيء لا يحسب حساب لما بين الفكّ والأسنان
ثالثهم كان حسيب الكلمات الوهّان، من تظنه لوهلة أبكمًا لصمته ولكن عقله بـكلّ الأفكار رنّان
جميعهم يمتلكون سرًّا لن يُخفى بعد الآن، خجولهم وجدَ أنها الفُرصة الأنسب للريّ بالكلام
ولكن كيف يُهذي بأسراره متى بقيتهم آسرى للكتمان، متى يستنكر من يُطبق فوهه بإحكام؟
فـأقترح عليهم أن يشرع طليقهم أولًا، ذاك من لا يحسب للأمور أية حسبان
ودون شكّ منك هو سيفعَل، فـقد يلقي بـبعض قول أو قولان
ولأنه ويا حسرة الصادقين اعتادَ الكذِب فـأسرى عليهم بـسيل زيفٍ ووديان
وحتّى أحسّ خجولهم بالأمان، فـبدأ متأتأً بـلسانه يشرح بـبطئ باحثًا عن بُرهان
ولـسوء توضيحه للأمور، كان ناتِج سرّه المنطوق غريب ولم يبان
فـأخذ بقيتهم ينتظران سرد يُوفِّ حديثه، ولكن انتابه الخجل فـأخذا بما يشاءان يُفسّران
وبعد حينٍ نظرا للثالث سرّه يتحرّيان، فلم يحصدا سوى صمت منه وفراغ أذهان
فأطالا النظر إليه وباتَ يُشير بـيديه وبعد استغراق وقت بدآ يستوعبان
هو الأبكم بينهم من سيحفظ سرّهم مَن لو كُشف أمرهم هو المُدان
وأكملوا لقاءهم بـمُحادثات طفيفة بينهم دون أن يعلَم أحدهم سرّ الآخر المُصان
وحين حانَت لحظة الوداع تبادلوا فيما بينهم السلام
وغادرا خجولهم يترنّح خوفًا ممّا قاله، فـدون قصدٍ منه اختلق سوء استفهام
وطليقهم سارَ بـثقة كـعادته، مُحيطًا بأن كذبته ستنجحَ كما كان يفعل بإدمان
وأمّا أبكمهم سارَ نحو المُحاسب، يسأله بصوتٍ مرتعش ما إن كان دفع الإثنان
ولا نعلم ما سبب رعشته، فقد سمع ما يكفي ليصبّ الخوف في الأبدان
وما بين كاذب وصانع سوء فهم وأبكم، حقيقة تموت وتحيا في بعض الأحيان.




"أولئك من يكذبون يظنون أن الحقيقة بكماء ولن تنطق ابدا، وأمّا من تزلّ لسانهم بـسوء فهم سيدعون ألا تنطق الحقيقة من جديد
لكن من يتظاهرون بـخلاف ما هُم عليه سيضطرون للكذب بقية حياتهم دون أن ينطقوا ولو بـزلّة لسان.
"

هناك 3 تعليقات:

  1. وااااه .. ما هذا النص المدهش !!
    بدءًا من الكلمات والسجع الذي أحب .. ووصولا للفكرة العبقرية في هذا النص.
    استمتعت بقراءته، وناهيك عن التوقف بين كل سطرين وإعادة قراءتها كي اتذوقها جيدًا ومن هذا أقول لك النص لذيذ جدًا.

    كل التوفيق في كتاباتك القادمة.

    ردحذف
  2. ديباااكككك، كيف لك ان تكون كتاباتك بتلك الروعه؟

    ردحذف
  3. انا شخص لا أحب اللغة العربية وكتاباتها ولكنك غيرت رأيي لقد لا مست كتابتك شيئا فيني شكرا على كتاباتك الرائعه فهي تلهمني .

    ردحذف